مشروع ضخم سيرى النور قريبا
لمسات المعمارية زها حديد تجعل من محطة قطارات الرياض بمثابة المحطة الفضائية في صحراء العرب أو «صندوق الدنيا» أو فندقا بخمس نجوم.
لندن – جعلت لمسات المعمارية البريطانية من أصول عراقية زها حديد محطة قطارات العاصمة السعودية، وكأنها محطة فضائية في صحراء العرب.
وتبدو تصاميم الصور
الإلكترونية للمحطة المؤمل إنجازها خلال أربع سنوات وفق أمر العاهل السعودي
الملك عبد الله بن عبدالعزيز، وكأنها «صندوق الدنيا» أو فندق بخمس نجوم…
وتنفتح المحطة على شبكة
قطارات مقترحة سوف تضاهي في رونقها عصر المحطات الفضائية، حيث الأرضية
المكسوة بالرخام بشكل كامل، والحوائط المبطنة بالطلاء المصنوع من ماء
الذهب، بالإضافة إلى تكييف الهواء «الطبيعي» في واحدة من أكثر بقاع العالم
ارتفاعا للحرارة.
ويبدو التصميم من الداخل وكأن
المسافرين يعيشون في أجواء غير مغلقة، بحيث جعلت المعمارية الواجهة تسمح
بإضاءة الداخل بشكل شبه كامل من دون السماح لحرارة شمس الخليج الحارقة
بالنفاذ.
ولم يفت المعمارية العراقية
التي حازت على أرفع الجوائز العالمية في العمارة، أن تأخذ بعين الاعتبار
احتواء التصميم النهائي للمحطة إشارة للكثبان الرملية المميزة للطبيعة في
المنطقة.
وعلى الرغم من ضخامة مشروع
مترو الرياض، والذي من المنتظر أن يحتوي على 6 خطوط، إلا أن العاهل السعودي
أمر بأن يتم الانتهاء من المشروع بشكل كامل في غضون أربع سنوات فقط، وهي
الفترة الزمنية التي استغرقتها الولايات المتحدة لتجديد محطة مترو واحدة.
ونظرت وسائل الإعلام
البريطانية إلى التصميم بعين منبهرة، وقالت من المؤكد أن رواد مترو لندن
الشهير سوف ينظرون بعين الحسد إلى صورة محطة المترو التي سوف تصبح في غضون
سنوات أفخم محطة مترو في العالم.
أما ما سوف يدعو البريطانيين
إلى الغيرة بشكل أكبر من هذا المشروع الضخم، هو أن مصممة المحطة الرئيسية
التي سوف يمر من خلالها ثلاثة خطوط من الستة التي يتكون منها المشروع هي
زها حديد المهندسة البريطانية من أصل عراقي، التي شاركت في تصميم وتنفيذ
العديد من المشروعات العملاقة في مناطق متفرقة من العالم.
وكانت منظمة التربية والعلوم
والثقافة «يونسكو» قد ضمت زها حديد إلى لائحة فناني السلام الذين يستخدمون
نفوذهم وسمعتهم العالمية لتعزيز المثل العليا للمنظمة. وجاء اختيار حديد
بعد تصدرها فئة المفكرين في لائحة مجلة «تايم» الأميركية للشخصيات المائة
الأكثر تأثيراً في العالم.
وأثنت «يونسكو» في بيان على
جهود حديد في مجال الفن المعماري ودورها في «رفع مستوى الوعي العام للحوار
الفكري والتميز في مجال التصميم والإبداع وتفانيها في خدمة المثل العليا
وأهداف المنظمة».
وزها حديد المولودة في بغداد
31 أكتوبر 1950، لها شهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، وحاصلة على
وسام التقدير من الملكة البريطانية، انتظمت كأستاذة زائرة أو أستاذة كرسي
في عدة جامعات، وتسنى لها أن تحصل على شهادات تقديرية من أساطين العمارة
مثل الياباني كانزو تانك، وقفز اسمها إلى مصاف فحول العمارة العالمية. ومن
أهم أعمالها نادي الذروة «كولون»، وتنفيذها لنادي مونسون بار في سابورو في
اليابان 1988 وكذلك محطّة إطفاء «فيترا ويل أم رين» 1991.
وأكثر مشاريعها الجديدة
غرابة وإثارة للجدل مرسى السفن في باليرمو في صقلية 1999، والمسجد الكبير
في عاصمة أوروبا ستراسبورغ 2000، ومتحف الفنون الإسلامية في الدوحة وجسر في
أبوظبي ومبنى آخر في جزيرة السعديات في العاصمة الإماراتية.
تخرجت زها حديد من الجامعة
الأميركية في بيروت في مادة الرياضيات قبل الالتحاق بكلية الهندسة
المعمارية في لندن، وهي تحمل الجنسية البريطانية. وسبق أن تبوأت زها حديد
المرتبة الثامنة والستين بين أقوى نساء العالم حسب التصنيف السنوي الذي
تعلنه مجلة الأعمال فوربس، حيث احتلت المرتبة الأولى وللعام الثاني على
التوالي على لائحة أقوى مائة امرأة في العالم المستشارة الألمانية أنجيلا
ميركل.
وتعد زها حديد التي أكملت
دراستها الثانوية في مدرسة «الراهبات» وسط العاصمة العراقية بغداد من بين
أشهر معماري العالم اليوم وواجهت بثقة النقد القاسي الذي يصف تصاميمها
«بمهندسة قرطاس» غير قابلة للتنفيذ لصعوبتها. وجاءت نجاحاتها المتصاعدة
وحصولها على جوائز عالمية لتهمش النقد، الأمر الذي دفع ملكة بريطانيا إلى
منحها وسام التقدير الملكي.
ولا تحفل ذاكرة زها وهي إبنة
وزير المالية العراقي محمد حديد إبان عقد الخمسينيات، بالكثير من المشاهد
المعمارية العراقية لكنها تحب كثيراً نصب الحرية للفنان جواد سليم.
وباستثناء تصميم متحف الفنون الإسلامية في الدوحة وجسر في أبوظبي وبرج في
القاهرة فليس لزها حديد تصاميم أخرى في بلدها العراق والدول العربية
الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق